مقدمة
يعد القطاع الصناعي في العراق أحد الأعمدة الأساسية للتنمية الاقتصادية، ومع ذلك، يواجه العديد من التحديات المتعلقة بضمان جودة المنتجات ومطابقتها للمعايير الدولية. فبينما تنتشر المصانع في مختلف أنحاء البلاد، يبقى السؤال الأهم: هل هذه المصانع تلتزم بالمعايير الفنية والمواصفات القياسية، أم أنها تعتمد فقط على خبراتها دون الحصول على إثبات قانوني يضمن جودة منتجاتها؟ وهل هناك إطار قانوني ينظم هذه المسألة في العراق؟
الإطار القانوني لتنظيم جودة المنتجات في العراق
نظم العراق مسألة ضمان جودة المنتجات الصناعية من خلال قانون علامة الجودة العراقية بموجب القانون رقم (2) لسنة 2011، الذي يضع المعايير والإجراءات اللازمة لضمان إنتاج منتجات مطابقة للمواصفات القياسية، والتي تُمنح للمنتجات التي تستوفي جميع المتطلبات الفنية وفق المواصفات القياسية المعتمدة.
تعريف علامة الجودة العراقية:
أن علامة الجودة العراقية هي علامة يمنحها الجهاز بعد مصادقة الوزير للدلالة على مطابقة المنتجات للمواصفات القياسية العراقية الخاصة بها، وبعد الحصول على ترخيصها يحق لحاملها التنسيق مع الجهاز استخدام العلامة على منتوجه النهائي المطابق للمواصفة القياسية العراقية ويعتبر أي منتوج نهائي يحمل علامة الجودة بمثابة تعهد من الجهة الحاصلة على الترخيص بأن ذلك المنتوج مطابق للمواصفة القياسية العراقية الخاصة به وتتحمل تلك الجهة المسؤولية الكاملة في حال مخالفتها لهذه التعليمات دون ان تترتب اية مسؤولية قانونية على الجهاز. ولابد ان يتبادر الى الذهن تساؤل حول المواصفة القياسية العراقية كونه مصطلح غامض، حيث تعتبر وثيقة فنية يقرها الجهاز وتكون متاحة للجميع ويتم اعدادها بالتعاون والاجماع أو الاتفاق العام لجميع الأطراف ذات العلاقة استنادا الى نتائج العلم والتكنلوجيا والخبرة لتحقيق المصلحة العامة.
آلية منح علامة الجودة العراقية:
للحصول على علامة الجودة العراقية، يجب على الجهة المصنعة تقديم طلب رسمي واستيفاء متطلبات تشمل الوثائق، الفحوصات، المطابقة للمواصفات، والتسديد المالي. بعد ذلك، يقوم الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية بإجراء تفتيش ميداني وأخذ عينات من المنتج لفحصها، وفي حال المطابقة، يُصدر القرار بمنح العلامة. تخضع الجهات الحاصلة على العلامة لتفتيش دوري ومفاجئ لضمان استمرار المطابقة، ويتم اتخاذ إجراءات الإيقاف أو السحب في حال وجود مخالفات. كما تلتزم الجهات المرخصة بتوثيق الفحوص الدورية، وإعداد تقارير نصف سنوية لضمان الامتثال المستمر لمتطلبات الجودة.
مدة نفاذية ترخيص علامة الجودة العراقية:
يعتبر ترخيص علامة الجودة العراقية نافذا لمدة (3) سنوات ثلاثة سنوات من تاريخ تبليغ الجهة الحاصلة على الترخيص ويكون قابلا للتجديد سنويا بعد انتهاء المدة المذكورة انفا ويحظر على الجهة الحاصلة على الترخيص استخدام علامة الجودة بعد انتهاء مدة الترخيص وقبل تجديدها.
أيقاف او الغاء علامة الجودة العراقية:
يتم إيقاف منح علامة الجودة العراقية بموافقة الوزير عند وجود مخالفات بسيطة، أو عدم التزام الجهة المرخصة بالشروط، أو بناءً على اتفاق بين الطرفين لأسباب مشروعة، ويمكن رفع الإيقاف بعد زوال أسبابه. أما إلغاء الترخيص فيتم عند ثبوت عدم مطابقة المنتج للمواصفات، أو استخدام العلامة بشكل غير قانوني، أو عدم معالجة أسباب الإيقاف خلال 30 يومًا، أو توقف الإنتاج، أو عدم تسديد الرسوم. يمكن إعادة الترخيص بعد تصحيح المخالفات وموافقة الوزير، ولا يسمح باستخدام العلامة إلا بعد الإبلاغ الرسمي بذلك.
الخاتمة:
أن غياب علامة الجودة العراقية عن العديد من المنتجات المحلية يمثل خطرًا يهدد سمعة المنتجات العراقية ويضعف قدرتها التنافسية. لذا، فإن تشديد الرقابة وتوعية المصانع بأهمية الامتثال للمواصفات القياسية يمثلان حجر الأساس نحو تعزيز ثقافة الجودة في البلاد.
ولضمان تحقيق ذلك، يجب على الجهات الرقابية تكثيف عمليات التفتيش والسحب العشوائي للمنتجات من السوق، وعلى المستهلكين أنفسهم أن يكونوا على دراية بأهمية شراء المنتجات التي تحمل علامة الجودة العراقية كضمان لجودتها وسلامتها.
لكن هل ستلتزم المصانع العراقية بهذه المعايير لضمان مستقبل أفضل لصناعتنا الوطنية؟ أم أن غياب الالتزام سيؤدي إلى ضياع الهوية الصناعية العراقية في ظل المنافسة المتزايدة؟
لا تعليق