فجوة تنظيمية في متابعة فروع الشركات الأجنبية بعد تعديل نظام 2017
قبل صدور نظام فروع الشركات الأجنبية رقم (2) لسنة 2017 المعدل، كان قانون نظام فروع ومكاتب الشركات والمؤسسات الاقتصادية الأجنبية رقم (5) لسنة 1989 هو الإطار القانوني النافذ. حيث ألزم فروع الشركات الأجنبية بتقديم الحسابات الختامية للشركة الأم، وذلك استنادًا إلى نص المادة (10/ثالثاً).
وقد جاءت هذه الأحكام بهدف توحيد البيانات الصادرة عن المركز (الشركة الأم) والفرع داخل العراق. إضافةً إلى تعزيز الرقابة القانونية والمالية على نشاط الفرع المحلي. وكان من أهم ما يحققه هذا الربط، هو ضمان عدم استمرار الفرع في العمل بمعزل عن الشركة الأم في حال تمت تصفية الأخيرة أو توقف نشاطها في بلدها الأصلي.
التعديل الجديد والتغيّرات في الإلزام القانوني
مع إلغاء القانون السابق وصدور نظام فروع الشركات الأجنبية رقم (2) لسنة 2017 المعدل، تم منح نوع من التسهيلات لفروع الشركات الأجنبية. حيث لم يعد من المتطلبات تقديم الحسابات الختامية للشركة الأم، وذلك حسب ما ورد في نص المادة (2) من النظام الجديد.
ورغم ما توفّره هذه التعديلات من مرونة، إلا أنها أفرزت فجوة قانونية ملموسة. تمثّلت في أن العديد من الشركات الأم قد تتعرض للتصفية أو الإعسار. بينما يستمر فرعها في العراق بمزاولة نشاطه دون تأثر، نظرًا لغياب المستندات المالية السنوية التي تربط الفرع بالمركز قانونيًا.
أثر غياب الحسابات الختامية على الرقابة والمتابعة
كان تقديم الحسابات الختامية من قبل الشركة الأم يمثل وسيلة فعالة توضح وضعها المالي والقانوني بشكل سنوي. وقد أدّى الإعفاء من هذا الالتزام إلى خلق نوع من الاستقلالية غير المقصودة للفرع. مما قد يتيح التصرف دون الرجوع إلى المركز.
يُلاحظ كذلك أن بعض الشركات الأجنبية لا تذكر في حساباتها الرسمية وجود فروع لها في العراق. وبعضها الآخر قد تمت تصفيته فعليًا في بلد الأصل، بينما لا يزال الفرع يعمل محليًا، مما يخلق إشكالات تنظيمية ورقابية من حيث المتابعة القانونية.
تعليمات دائرة تسجيل الشركات: خطوة تنظيمية جديدة
في إطار معالجة هذا الفراغ، أصدرت دائرة تسجيل الشركات تعليمات جديدة. تقضي بإلزام الشركة الأم بتقديم وثيقة مصدقة كل ستة أشهر، تُبيّن وضعها القانوني والمالي، وتؤكد أنها لا تزال قائمة ولم تخضع للتصفية أو الإعسار أو العقوبات.
وبالرغم أهمية هذه الخطوة في تعزيز الرقابة، إلا أن المدة المحددة (ستة أشهر) قد تُعد قصيرة من الناحية الإجرائية. خصوصًا وأن المتعارف عليه عادة هو التقديم السنوي للحسابات، وهو ما ينسجم أكثر مع الإيقاع العام لأعمال الشركات ومهام المحاسبة والرقابة.
مقترح بإعادة النظر في تنظيم العلاقة بين الفرع والمركز
انطلاقًا من أهمية توحيد البيانات وتعزيز الرقابة، من المفيد إعادة النظر في النصوص التنظيمية الحالية. وذلك من خلال الرجوع إلى النظام السابق، أو تطوير نصوص توازيه، بما يُلزم فروع الشركات الأجنبية بتقديم الحسابات الختامية للشركة الأم سنويًا. وبذات المدة التي يُطلب فيها تقديم حسابات فرع الشركة.
إن هذا التنظيم سيُسهم في بناء نموذج مستقر وواضح للوثائق السنوية المطلوبة من الفروع. ويُعزز من قدرة الجهات المختصة على متابعة الوضع القانوني والمالي للشركات الأجنبية العاملة داخل العراق، بما يخدم الشفافية ويساهم في استقرار البيئة الاستثمارية.
خاتمة
الحفاظ على ترابط المركز مع الفرع في الشركات الأجنبية العاملة في العراق يُعد أحد الأسس التنظيمية المهمة التي تعزز الموثوقية في المعاملات التجارية. وتدعم الرقابة القانونية. ومن هنا، فإن العودة إلى إلزام الفروع بتقديم الحسابات الختامية للشركة الأم، أو تطوير آلية مماثلة، يُمكن أن يُسهم في معالجة الفجوة الحالية. كما يحقق التوازن بين المرونة والتقييد في التنظيم القانوني.